هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبرائيل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم-
القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن ؟
الجواب :
يستفاد منها المدارسة، وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه؛ لأن
الرسول -عليه الصلاة والسلام- دارس جبرائيل للاستفادة ؛ لأن جبرائيل هو الذي يأتي
من عند الله -جل وعلا- وهو السفير بين الله والرسل ، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي
-صلى الله عليه وسلم- أشياء من جهة الله -عز وجل- ، من جهة إقامة حروف القرآن ،ومن
جهة معانيه التي أرادها الله ، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن ، ومن
يعينه على إقامة ألفاظه ، فهذا مطلوب كما دارس النبي -صلى الله عليه وسلم- جبرائيل
، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام- ، ولكن جبرائيل هو
الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أمره الله به
من جهة القرآن ، ومن جهة ألفاظه ، ومن جهة معانيه ، فالرسول -صلى الله عليه وسلم-
يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية ، لا أن جبرائيل أفضل منه -عليه الصلاة والسلام-،
بل هو أفضل البشر وأفضل من الملائكة -عليه الصلاة والسلام- ، لكن المدارسة فيها خير
كثير للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللأمة ؛ لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله،
وليستفيد مما يأتي به من عند الله -عز!
وجل- .
وفيه فائدة أخرى، وهي : أن المدارسة في الليل أفضل من النهار ؛ لأن هذه المدارسة
كانت في الليل ، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من
المدارسة نهاراً.
وفيه أيضاً من الفوائد : شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان ؛
لأن فيه فائدة لكل منهما ، ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس أن يستفيد كل منهم من
أخيه، ويشجعه على القراءة ، وينشطه فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده ، لكن إذا كان
معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له ، مع عظم الفائدة فيما يحصل
بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم ، كل ذلك فيه خير كثير .
ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع من
هذه المدارسة ؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن ، ولهذا كان الإمام أحمد –رحمه
الله –يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن ، وهذا من جنس عمل السلف في محبة سماع
القرآن كله ، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته ، ولا يتحرى الخشوع
والطمأنينة ، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة .
مجموع فتاوى الشيخ/ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- ، الجزء الخامس عشر ، ص (324)
فتوى رقم (114) .
للشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله
موقع الإسلام اليوم